المتابعون

الثلاثاء، 7 يونيو 2011

المشهد اليمني ـ جدل حول مرحلة ما بعد صالح قبل حسم أمر عودته

المشهد اليمني ـ جدل حول مرحلة ما بعد صالح قبل حسم أمر عودته

 

رغم احتفال اليمنيين بـ "هروب" الرئيس علي عبدالله صالح، إلا أن التأكيدات الرسمية بعودته قريبا إلى بلاده لممارسة مهامه، في ظل رفض الثوار والمعارضة لذلك، ووسط تباين حول البديل وغموض الموقف الدولي، يزيد المشهد اليمني تعقيدا.

 

  

بإعلانه عن عودة الرئيس علي عبدالله صالح، الذي نقل إلى المستشفى في السعودية، إلى صنعاء خلال الأيام المقبلة، أحبط النظام اليمني الاثنين آمال المعارضة اليمنية بانتقال سريع للسلطة وأفسد على الثوار فرحتهم بما يسمونه "هروب" الرئيس على عبد الله صالح من البلاد، الأمر  الذي يزيد الغموض حول ما إذا ما كان الثوار قد نجحوا في إسقاط النظام. وقد أبدت السعودية أملها في أن يوقع صالح، الموجود على المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن. كما أن المراقب لأوضاع البلاد من الخارج، يتساءل عما إذا كانت مغادرة صالح للبلاد، حتى وإن كانت للعلاج، هي نوع من الرضوخ للمطالب الشعبية بإسقاط نظامه أم أنها مراوغة سياسية؟

أما داخليا فقد فتح غياب الرئيس عن البلاد النقاش حول خلافته. وفيما تؤكد المعارضة إنه لم يعد قادرا على حكم البلاد، يتمسك مؤيدوه بما يسمونها "الشرعية الدستورية" ويؤكدون على عزمه العودة لممارسة صلاحياته. في هذا السياق نسبت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إلى عبد ربه منصور هادي، نائب الرئيس والقائم بأعماله وفق للدستور، قوله إن "صحة الرئيس تتحسن وإنه يتعافى وسيعود إلى الوطن خلال الأيام المقبلة". ولتفادي أي عودة لصالح، دعت اللجنة التنظيمية للشباب "كافة القوى الوطنية والأطياف السياسية للبدء بتشكيل مجلس رئاسي مؤقت يمثل كافة القوى الوطنية يتولى تكليف حكومة كفاءات لإدارة المرحلة الانتقالية".


"عودة صالح تنذر بإراقة المزيد من الدماء"

المعارضة البرلمانية من جهتها، حذرت من عودة صالح إلى البلاد، ووصف حسن زيد القيادي في تكتل المعارضة بأن علي عبد صالح "سيكون مجنونا إذا فكر بالعودة إلى الحكم". فيما قال المتحدث باسم تكتل أحزاب "اللقاء المشترك" المعارضة، محمد قحطان، "بالنسبة لنا سنعمل بكل قوتنا لعدم عودته"، معتبرا خروج صالح من البلاد "بداية النهاية لهذا النظام المستبد الغاشم الفاسد". وأكد قحطان أن المعارضة مستعدة للتعاون مع نائب الرئيس إلا أنه "يجب عليه (على النائب) إجبار أبناء الرئيس صالح على تسليم السلطة إليه" (إلى هادي).

لكن ما هو رأي شباب الثورة الذي خرجوا إلى الشوارع للتظاهر ويعتصمون في الساحات منذ نحو أربعة أشهر، مطالبين بـ"رحيل" صالح و"إسقاط النظام"؟ في حديث خاص لدويتشه فيله قال عبد الجليل محمد أحمد، أحد قيادات شباب الثورة والمتواجد حاليا في "ساحة التغيير" بصنعاء، إنه في حالة عودة صالح إلى اليمن "فإن هذا ينذر بالمزيد من إراقة الدماء والكوارث والمماطلة وعدم الاهتمام بمطالب الشارع، إذا عاد لن يكون هناك أمل في الحل السلمي وقد تسير الأمور نحو التصعيد العسكري".

الرئيس اليمني غادر البلاد-مراوغة سياسية أم رضوخ لمطالب الشعب؟الرئيس اليمني غادر البلاد-مراوغة سياسية أم رضوخ لمطالب الشعب؟

وحول نقل السلطة إلى نائب الرئيس، (لم يكلف رسميا بالقيام بأعمال رئيس الدولة كما ينص الدستور ولم يصدر أي بيان رسمي بذلك)، يقول الناشط اليمني عبد الجليل محمد أحمد إن نائب الرئيس "مجرد من الصلاحيات وليس له صلاحيات فعلية حاليا". ويعتبر الناشط اليمني أن تسلم نائب الرئيس لصلاحيات الرئيس اليمني "لا يعني شيئا، فالحكم الفعلي بيد أقارب الرئيس ومدير مكتبه هم من يديرون البلاد ". ويستشهد على ذلك بعدم فعالية بدعوة عبدربه منصور هادي لوقف إطلاق النار في شمال العاصمة صنعاء مع الشيخ صادق الأحمر، مشيرا على أنه ورغم قبول الأحمر بوقف إطلاق النار إلا أنه "في الواقع ليس هناك هدنة، فإطلاق النار كان مستمرا ليلية البارحة ووقعت انفجارات  ويتواجد قناصة فوق أسطح البيوت يضربون النار على قوات الشيخ الأحمر"، وهو ما يتعبره عبدالجليل ضعف في قدرة نائب الرئيس على فرض سلطاته.  

ويوضح عبد الجليل أنه بالرغم من دعم المعارضة لتولي نائب الرئيس لصلاحيات الرئيس خلال الفترة الانتقالية كما تقضي المبادرة الخليجية، إلا أن الثوار "يطالبون بتشكيل مجلس رئاسي كخيار أول بينما تعتبر المعارضة هذا المطلب الخيار الثاني أو البديل، في حال الاستمرار بالتلويح بعودة صالح إلى البلاد". ولا يعترض الثوار من حيث المبدأ لعلى تولي نائب الرئيس للسلطة فـ "وطنية الثوار تملي عليهم قبول حل وسط، عبر تقبل، وحتى لحظة معينة، تولي نائب الرئيس صلاحيات الرئيس، إلا أننا نطالب بتشكيل مجلس رئاسي نرضى فيه بأن يكون نائب الرئيس رئيسا له إلى جانب مجلس وطني انتقالي".

تمسك بـ"شرعية استعادها الشعب"

ويتمسك صالح بومؤيدوه بـ"الشرعية الدستورية"، رافضا منذ بداية الاحتجاجات التنازل عن السلطة "إلا عبر صناديق الانتخابات". ورغم ما وصلت إليه الأمور فإن فريق صالح ما يزال على هذه الشروط. في هذا السياق قال الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم سلطان البركاني إن "صالح سيعود رئيسا دستوريا" لليمن، مشيرا في حوار مع قناة العربية إلى أن صالح "عائد لممارسة السلطة وإذا تم التوقيع على المبادرة الخليجية فهذا سيتم في صنعاء، وننتقل بعد ذلك إلى الرياض لإعداد الآليات التنفيذية للمبادرة".

من جانبه يوضح عبد الجليل في حديثه لدويتشه فيله أن " من يطلق النار على الناس منذ اللحظات الأولى فُقِدت شرعيته. وبخروج الناس إلى الشارع استعادوا هم شرعيتهم ومارسوا حق رفض الطاعة بحكم أننا بلد جمهوري الشعب فيه هو مصدر السلطة. وبذلك يكون قد جُرد (على عبد الله صالح) من الشرعية" ويضيف بالقول "حاليا بإمكاننا أن نعتبر أن الدستور معلق.... الرئيس أصبح في نظرنا في حكم الميت... المعارضة عليها أن تتخذ خطوات جرئيه وتعلن تشكيل مجلس انتقالي".


غموض في الموقف الدولي

ويتفق الكثير من المحللين والمراقبين أن صالح قد فقد شرعية بقائه في السلطة، لكن كمخرج من الأزمة تظهر بعض المقترحات من وقت لأخر، فمثلا كتب عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط إنه "يمكن للرئيس المصاب إن شاء أن يلعب دور حامي الشرعية لأنه لم يعد له سوى هذا الدور، وبدلا من انتزاع السلطة وتجاوز الأطر الشرعية، يمكن للرئيس أن يؤمن سلامة الانتقال"، للسلطة وفق لمدير عام قناة العربية.


على الصعيد الخارجي تتواصل الدعوات لنقل سلمي للسلطة في اليمن، فقد جددت الولايات المتحدة الدعوة إلى المضي قدما في عملية انتقال ديمقراطي. وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في مؤتمر صحفي إن صالح "في السعودية يتلقى علاجا طبيا. هناك حكومة مدنية مازالت موجودة في اليمن. نعتقد أن الوقت حان الآن للبدء في انتقال سلمي نحو عملية ديمقراطية". لكن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون رفضت التعقيب على ما إذا كان يتعين على الرئيس اليمني علي عبد الله صالح العودة من السعودية. من ناحيتهم دعا قادة أوروبيون جميع الأطراف في اليمن إلى "إيجاد وسيلة مصالحة على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي"، وفقا لما جاء في بيان مشترك لكل من المستشارة الألمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورؤساء وزراء بريطانيا واسبانيا وايطاليا.
من جانبها دعت الممثلة الأعلى لشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون الرئيس اليمني إلى التفكير خلال وجوده في السعودية والتصرف "وفق ما تمليه مصلحة شعبه".

هبة الله إسماعيل ( أ ف ب/ رويترز/ د ب أ)
مراجعة: عبده جميل المخلافي